عمّار الشقيري يكتب:
يقدّم أستاذ الفيزياء جون هوث في كتابه «الفنّ الضائع: ثقافات الملاحة ومهارات اهتداء السبيل» شرحًا لآليّة عمل أعصاب الدماغ البشريّ والخلايا التي فيه حين يقوم أحدهم برحلة، في البحر أو اليابسة:
دماغٌٍ يعرف الطريق، وآخر يعرف الخريطة، الأوّل(الدماغ الذي يعرف الطريق) يعمل بآلية التعرف على العلامات الفارقة وشبكة الطرق، وهي آلية تمثل معرفة الاتجاهات أحاديّة البعد، في حين أنَّ(الدماغ الذي يعرف الخريطة) يختصُّ بمعرفة ما بين تلك الطرق، وفهم العلاقة الفيزيائية بين العلامات الفارقة، وهو يمثل نظرة ثنائية الأبعاد للاتجهات.
لكن، عبر التاريخ كانت هناك
أدمغة تعمل بنظام ثلاثي الأبعاد خلال الرحلات في البحر، مثل طريقة شعب «النيتسيليك
إنويت Netsilik Inuit» الذي قطن مقاطعة «نونافوت»
الكندية، إذ طوّر هذا الشعب نظامًا غريبًا لحفظ الاتجاهات في الرحلات الطويلة
بعيدًا عن الشواطئ في البحر؛ قسَّم هؤلاء الملاحون السماء إلى مناطق تدعى
«إيتاكات»، في هذا النظام يتخيّل الملّاحون في عقولهم جزيرة مرجعيّة يحافظون عليها
في أذهانهم أثناء الرحلة في البحر، ويُطابقونها مع «الإيتاكات»
يُمكن أن يكون نظام الملاحة
هذا التمثيل الأبرز لطرق القراءة؛ بالتحديد قراءة النصوص السرديّة، قارئٌ لا يحيد
عن المسار الذي رسمه له الكاتب (وهذا قارئ الطريق)، وقارئٌ يتجوّل في النص، لكنّه
غيرُ قادر عن الخروج من صفحات الكتاب(وهذا قارئ الخريطة). أما القارئ الثالث، الذي
يشبه في طريقة قرائتهِ طريقة رسم ملاحي شعب «النيتسيليك إنويت Netsilik Inuit» للجزر المختيلّة فهذا قارئ العوالم المتوازية
الذي يقوم خلال القراءة على خلق عالمٍ موازٍ للنص المكتوب، في خياله.
________
عن صفحة القاص الشخصية ( فيس بوك)
إرسال تعليق