-->
العهدة الثقافية  العهدة الثقافية
الإثنين 14 أبريل 2025 م / 15 شوال 1446 هـ  

الدنيا امرأة/ خاطرة شعريَّة / للقاص نجيب كيّالي

 

(إلى نجمة حياتي التي زادها الرحيل حضوراً)

 

يجلِدني الفِراقُ يا غاليتي

يا شريكةَ أنفاسي لمدة ثلاثةٍ وثلاثين سنة

يجلِدني دونَ رحمة!

سَوْطُهُ يَخرجُ من مكانٍ ما

ويلسع قلبي

يلسعُ، يلسع!

أحاولُ أن لا أتذكَّركِ أيتها الحبيبة

أحاولُ أن أتلهَّى بالنظر من النافذة

بالتدخين أو الموبايل

أحاول ممارسةَ لعبةِ الاختباءِ من الأشواق

كما يختبئ الأطفالُ من بعضهم في زوايا الحارة

أحاول أن أتجاهلَ صوتَكِ المُعرّشَ على حيطان البيت

حفيفَ قدميكِ الساكنَ في رأسي، وفي ذاكرة البلاط

أَثَرَ يديكِ الملتصقَ بمقابض الأبواب، والكنبات، والملابسِ التي حَمَلْتِها إلى الدولاب

أحاول، وأحاول

لعلي أحمي نفسي من السَّوط

لكنَّ وجهَكِ يطلُّ من موضعٍ ما

فتنفجر من حولي براكينُ الحنين

لأكونَ على موعدٍ مع لَسَعَاتٍ جديدة!

              *

بعد رحيلكِ عن الدنيا

سعيتُ لأحبَّ امرأةً أخرى

كمن يستبدل زهرةً بزهرة

أو نجمةً بغيرها

لكنني اكتشفتُ أنَّ قلبي - بتلاله ووديانِه

ببساتينهِ وصحرائِه-

مستعمَرٌ بكِ

في كل زاويةٍ منه 

قاعدةٌ عسكريةٌ للغرام القديم

لا تسمح بضيفٍ آخر 

أو احتلالٍ آخر

أتلفَّتُ حائراً

ودموعي تلتهمني

وأجدُني على موعدٍ

مع سَوْطِ الفراق

ينهمر عليَّ بلَسَعَاتٍ جديدة!

لَسَعَاتٍ تزداد قوة!

                 *

اليوم عيدُ رأس السنة

أدور في الغرف باحثاً عنكِ

لأقولَ لكِ: كلَّ عام وأنتِ بخير

كلَّ عام وأنتِ

قَرنفلتي

أريد أن أُهدي لخدّك  قبلة

أُعيِّدكِ بها، أُعيّدُ نفسي

وأُعيِّد السنةَ الجديدة

السنواتُ الجديداتُ تحبُّ القبلات

أجملُ تَرحابٍ بها هو القُبُلات

موسيقاها الناعمةُ تُسْكِرُها

وتجعلها سعيدةً بالقدوم

لكنني لا أعثر عليكِ

يُخْبِرُني فراغُ البيت

أنكِ رحلتِ قبلَ خمسِ سنوات

يُخْبِرُني أنَّ ساعةَ الفرح في قلبي معطَّلَةْ

وأنَّ العيدَ الحقيقيَّ امرأةٌ تهدهد القلب

والسعادةَ امراة

والدنيا كلَّها امرأة

أتلفَّتُ حائراً

أحزاني من أمامي وخلفي!

وأجدُني على موعدٍ مع سَوْط الفراق

ينهمر عليَّ بلَسَعاتٍ جديدة!

لَسَعَاتٍ تزداد قوة! 

             *                    ٢٠٢٥/١/١

التعليقات

إرسال تعليق



جميع الحقوق محفوظة

العهدة الثقافية

2016