في أعلى الصفحةِ
تراودُ الشاعرَ فكرةُ أنْ كيفَ سيبتدئُ كتابةَ النصِّ؟ ما هي الكلمةُ القُنبلةُ، التي ستفتحُ الطريقَ أمام انهمارِ الكلامِ؟ لم يُفكِّرْ، مَرّةً، كيف ينتهي من النصِّ منذُ البدءِ؛ ويبدأ بما وراءَه.
إنها عمليةٌ مُعَقَّدةٌ: كُلَّما وقفنا، مشدوهينَ، أمامَ هذه المساحةِ البيضاءِ، تقتلنا حَيرةُ البَدءِ، وترهقنا فكرةُ الخاتمة، وتشغلنا المساحةُ التي بينهما.
إلى خارجِ البياضِ قليلاً، هناكَ نصٌّ يستحيلُ على الشاعرِ؛ لا يستطيعُ قراءتَه تمامًا، تجعله في يقينٍ هُلاميِّ الماهيّةِ. القارئُ نصٌّ غيرُ ثابتٍ، ذو نتائجَ متحولةٍ، عاليةٍ أو هابطةٍ، وربّما ساقطةٍ، في بعضِ الأحيانِ؛ حتى قضيةُ العلو المعرفيّ أو ضدّه، ما معيارُها الواحدُ؟ هل يكونُ؟ هل يمكنُ وضعُ قاعدةٍ تمنحُ الكاتبَ يقينًا لا هشاشةَ فيه؟ ربما، في المقابلِ، الهشاشةُ هذه قوّةٌ في مضمونها وتكوينها. كيفَ يكونُ ذلك؟ التساؤلُ، كذلك، لا بدَّ من تركِهِ بلا إجابةٍ؛ كي لا يرسُوَ الفكرُ في سياق الجواب، وإنما يبقى رهينَ الاحتمالِ، ففي الاحتمال حياةٌ للسؤال، وحياةٌ للنص، وحياةٌ للكاتبِ.
بين احتدام السؤال، وتكاثفِ الاحتمال؛ نشهدُ تكاثُرًا هستيريًّا للنصِّ، ناتجًا عن تكاثرٍ كثيفٍ للقراءةِ، يصبحُ النصُّ كثيرًا، مُشِعًّا؛ وفي كلِّ شُعاعٍ رؤية، ولكلِّ رؤية مدى، وفي كل مدى نصوصٌ تتكاثرُ أسرابًا، وهنا تكمنُ حياةُ الفكرةِ: بتكاثفِ أمدائها.
في أسفل الصفحةِ
يراودُ الفكرةَ شاعرٌ مُنهَكٌ، يريدُ الهروبَ فقط، ما هي القصيدةُ الدثارُ، التي ستمنحُ الطريقَ هدوءَها، وتمنحُه نافذةً يُطلُّ منها على نصٍّ لا شرقيٍّ ولا غربيٍّ، يضيءُ، أو يكادُ..؟!
____
عن صفحة الشاعر " الفيسبوك"
إرسال تعليق