يمثل كتاب وسام جبران رحلة تحليلية ونقدية متعمقة وفريدة في المشهد الموسيقي العربي، حيث يهدف إلى تفكيك المفاهيم المألوفة وإعادة صياغتها بعيدًا عن النمطية، مما يفتح آفاقًا جديدة لفهم الموسيقى العربية وتاريخها وتنوعها.
يُسلط الباب الأول، "الموسيقى عند العرب وثقافة النسيان"، الضوء على التحديات المفاهيمية التي تواجه تعريف الموسيقى العربية. يناقش هذا الباب إشكاليات الهوية الموسيقية من خلال مقالات تتناول العلاقة بين الصوت والصمت، تاريخ الموسيقى غير الموثق، ومسألة التدوين الموسيقي وعلاقته بالاستملاك والاغتراب. كما يُبرز الكتاب التداخل الثقافي بين الموسيقى العربية والموسيقى الإغريقية، ويتناول نقدًا فلسفيًا لآراء أرسطو حول الموسيقى في سياقها التربوي والأخلاقي.
ينتقل الباب الثاني، "مدخل إلى طبائع الموسيقى عند العرب"، إلى تحليل الأنماط الموسيقية العربية مثل الارتجال والطرب، مستعرضًا خصائصها الفنية والثقافية والاجتماعية. يركز على دور الطرب كحالة تفاعلية تعكس التكامل بين الموسيقى والمستمع، ويتناول الفوارق بين الموسيقى الشعبية والجادة، محاولًا تفسير العلاقة الجدلية بين الحدث الموسيقي وأثره الاجتماعي.
أما الباب الثالث، "دراسات بينية في فلسفة المشهد الموسيقي العربي الراهن"، فيستعرض مقاربات فلسفية وأدبية للموسيقى العربية في سياقها الحديث. يناقش هذا الباب تأثير التعددية الصوتية في الشعر العربي، مثل شعر أدونيس، واستكشاف العلاقة بين الشكل الموسيقي والبلاغة من خلال دراسات سوناتية. كما يتناول استنبات الكونشرتو العربي بوصفه فضاءً للتفاعل مع الآخر، مستعرضًا تجارب موسيقية بارزة مثل أعمال مارسيل خليفة وهتاف خوري وعبد الله المصري.
يتناول الكتاب الموسيقى كظاهرة ثقافية واجتماعية متغيرة، متجاوزًا التصورات التقليدية ليطرح أسئلة جوهرية حول هويتها وتاريخها وتفاعلها مع الزمن. يفتح بذلك المجال لفهم أعمق للموسيقى العربية باعتبارها حالة ديناميكية مستمرة التغير والتجدد.
إرسال تعليق