أَنا لا أُريدُ سوى القليلِ
من الـحقائقِ
في الطريقِ إِلى حياتي القادمةْ
كلُّ شيءٍ غيرَ هذا
زائدٌ عن حاجتي
إِن ضِعتُ يومًا في البلادِ
وأَنكَرتْني القابلةْ
أَو زائدٌ
عمَّا سَيَطْلُبُ في النهايةِ
سادِنٌ في الـمَقبرةْ
كلُّ الـحقائقِ جارحاتٌ
في الـحديثِ عن التجارِبِ
والندمْ
لا أَرضَ تَـمنحُ للطريقِ بَراءةً
مِن ذَنبهِ في شَقِّها
لا عُمرَ يَقبلُ أَن يَعيشَ
بلا خطايا
مثلَ قِطٍّ مَنزليٍّ في سريرٍ دافئٍ
لـم يُؤْذِ إِلا نفسَهُ حين ارتضى
بالـمُعتَقَلْ
لا موتَ يُعطي فرصةً لضيوفِهِ
كي يستعيدوا نظرةً
سقطتْ على كَتِفِ الطريقِ
ولـم يَروْا أَفعالَـها
لا بَندَ يأْملُ أَن يُصَحَّحَ
في نـهاياتِ الطرقْ
أَنا لا أُريدُ حقيقةً أُخرى
تُضافُ لِدَفتري
فلقد سَئِمتُ مِن الـمُكَرَّرِ
والـمُوَثَّقِ
والـمُصَحَّحِ والـمُؤَكَّدِ
والوَصايا والـحِكَمْ
أَحتاجُ وَهـمًا قادِرًا
أَن يرتُقَ العُمرَ الذي
غارتْ بِـجَنبـيْـهِ الـحقائقُ
والـهزائِمُ والعُهودُ الـميِّتةْ
سأَكونُ أَجـملَ حينَ أَكفُرُ
بالـحقيقةِ
حينَ أَغرقُ في الـخُرافةِ
راضيًا مُستهترًا
بالذاتِ أَو بالأُمنياتِ الفاشِلةْ
أَو حينَ أَشربُ نَـخبَ حَقٍّ ضائعٍ
في سهرةٍ مشبوهةٍ
وبلا اكتراثٍ بالطقوسِ البائِدةْ
سأَكونُ أَصدقَ مِن مُذيعٍ
يَغسلُ الدهرَ الـجديدَ مع القديـمِ
بِـمِرجَلٍ
كي تَـخرجَ الأَلوانُ لونًا واحدًا
فأَظُنُّني لـم أَنكسِرْ
أَحتاجُ وَهـمًا ساطعًا
كي لا أَراني في ظلامِ حقيقةٍ
مُنهارةٍ
لا شيءَ يَـحمي ظَهرَها
مِـمَّا يقولُ العارِفونَ عن السذاجةِ
في اختراعِ الـمَفخَرةْ
في الوهمِ أَعبثُ بالطريقِ
كما أُريدُ
فلا أَظَلُّ على خطوطي
نَـملةً
مَـخدوعةً وسعيدةً
بِـخرافةِ الدربِ الـمؤَدِّي
للشعيرِ وللرفاقِ الطيبينَ
وللدفا
يا نَـملتي
هذا طريقٌ للجُحورِ
يُـحِبُّهُ العَتْمُ الرطيبُ
فَـ جَرِّبي
أَن تُنصِتي للشمسِ يومًا
سوفَ تُوهِـمُكِ الظلالُ
بأَنكِ الأَعلى كَثيرًا
مِن سُطوحِ الـمَصطبَةْ
في الوهمِ أَنسى أَننا
كنا الـحضارةَ والبطولةَ
أَو قريبًا مِنهُما
في الوهمِ أَنسى أَننا
كنا الضحايا
أَو قريبًا من روائحِ مَوتِـهِم
في الوهمِ نـحمِلُنا على أَكتافِنا
ونُفَتِّشُ الكتبَ القديـمةَ
عَن قَبائلَ مِثلَنا
خَضَعَتْ لِأَنَّ حقيقةً
باعَتْ شَظاياها بِزُهدٍ
بَعدَ أَوَّلِ مَعركةْ
ونُعيدُ توزيعَ الـهُمومِ على السنينِ
لكي نُبرهنَ للسماءِ بأَننا
لـمَّا نَعِشْ
يا ربَّنا
في الرحمِ نـحنُ وجاهزونَ لِصرخَةٍ
فالكونُ أَيضًا ضَيِّقٌ
والكونُ أَيضًا مُعتِمٌ
كالرحمِ لكنْ
سوفَ نُولَدُ في أَواخِرِ عُمرِنا
كالصخرِ
يَكبُرُ ثُـمَّ يَكبُرُ ثُـمَّ يَكبُرُ
في الثرى
إِن لـم تَلِدْهُ بذاتِ يومٍ
زَلزَلَةْ
في الوهمِ يَفرحُ شاعرٌ
غَرِقتْ قصيدتُـهُ بعينِ صبيَّةٍ
وبِقَلبِها
فَتعلَّمَ الإِبـحارَ قصدًا
كي يُـمَجِّدَ حَرفَهُ
والـمَقلمةْ
ماذا جَنيْتُ مِن الوثائقِ
كي أَظلَّ مُرابِطًا في
الـمَكتبةْ ؟
ماذا جَنيتُ من الـحقوقِ
لكي أَظلَّ مُرافِعًا
في الـمَحكَمةْ ؟
ماذا جَنيتُ من استقامةِ نَـخلةٍ
خَرقاءَ
تَعلو في السماءِ بِلا ظِلالٍ
أَو رُطَبْ ؟
أَحتاجُ مَذبـحةً
لأَعدِمَ ما كَتبتُ وما قَرأْتُ
وما تَركْتُ مُبَطَّـنًا
بينَ السطورِ من الـحَقائقِ
والسُّدى
فأَصيرُ وَهـمًا صادِقًا
كي أُقنعَ القاضي بِصَكِّ بَراءَتي
مِـمَّا سَيُذكرُ بعدَ موتي
في الطرائِفِ والـمَواقِفِ
والـهَزائمِ والـمَحاكِمِ
مِن
حقائِقَ
كاذِبةْ
إرسال تعليق