-->
العهدة الثقافية  العهدة الثقافية
  • recent .
  • جاري التحميل ...
  • recent .
  • نهار متوحش للعقاد / العدوان واللغة / رائد محمد الحواري

     

    العدوان واللغة في قصيدة
    "نهار متوحش"
    جواد العقاد


    لكل شاعر لغته، ألفاظه، أدواته، جواد العقاد من الشعراء المتميزين، فهو يستخدم لغة صوفية لكن بمنظور معاصر، وفي وقت الحرب والدمار والقتل والتشرد، يقفد بعضهم اتزانه، ومن يحافظ على ذاته/أخلاقه/لغته بالتأكيد هو استثناء، "وجود العقاد" ضمن هذا الاستثناء/التميز، في قصيدة "نهار متوحش" نجد ألم الشاعر في العدوان على غزة، مبينا حجم الدمار/الخراب/القتل الذي يمارسه المحتل في غزة.

    بداية نتوقف عند العنوان "نهار متوحش" حيث يقودنا إلى سواد البياض، فلم يعد هناك ما هو أبيض/جميل، وبما أن الأبيض/النهار أصبح متوحش فهذا يعني فقدان الأمل/الضوء/الخير، من الأرض ومن السماء، ومن البشر، ومن الأشياء، من اللغة، بعدها ينقلنا إلى سواد آخر يؤكد انعدام الأمل/الخير: "يقتل الضوء" إلى هنا كان الشاعر يوجز/يختصر فيما يقدمه، لكنه (يسهب) في الحديث، عندما يتحدث عن السماء:

    "يتدفق الدم إلى زجه السماء

    والشمس تنسحب إلى الوراء"

    وهذا يقودنا إلى لغة "جواد العقاد" الصوفية التي تتعامل مع المساوي/السماء بقدسية، فعندما أراد تناول المقدس/السماء، (أجبره/دفعه) العقل الباطن ليتحدث بطريقة (انفعالية) لهذا (شرح وفصل) في حديثه.

    وبما انه شاعر، وله أداة يستعين بها، ليلوذ بنفسه عن الخطر/الموت/القتل، فها هو يستعين بها:

    "أحتمي باللغة

    لا جدران لها

    تقتحم سماءها السماء الطائرات

    وتقصف مجازاتها المدافع"

    هذا المقطع يقودنا إلى ما قاله "أدونيس" في كاتب الحصار:

    "مزف التاريخ في حنجرتي

    وعلى وجهي أمارات الضحية

    ما أمر اللغة الآن وما أيضق باب الأبجدية"

    اللافت في التلاقي بين الشاعرين، هو حال مواجهة الموت/العدو وحيدا، فأدونيس تحدث عن بيروت عام 1982، وجود العقاد تحدث عن غزة في 2024، والحالتين متشابهتين، فهناك حصار، تغول العدو في الدم العربي، تخاذل العربي، مما جعلهما يستخدمان صيغة الأنا، واللغة التي بها يكون الشاعر شاعرا.

    نعود إلى "جواد العقاد" وإلى "نهار موحش" مشيرا إلى أن هذا الملاذ الذي استعان به يتعرض أيضا (للموت/للقتل/للتدمير) من هنا جاءت الطائرات تقتحم سماء اللغة، وتقصف مجازاتها.

    وما الخاتمة (العادية) التي جاءت بها القصيدة:

    "علمتني الحرب أن أكتب موتي وأنا واقف"

    إلا من باب اقتحام الطائرات وقصف المدافع، وبهذا يكون الشاعر قد أوصل لنا حجم العدوان على غزة وأهلها من خلال مضمون/فكرة القصيدة، ومن خلال أداته/اللغة التي يستخدمها.

     

    إرسال تعليق

    التعليقات



    جميع الحقوق محفوظة

    العهدة الثقافية

    2016