-->
العهدة الثقافية  العهدة الثقافية
  • جديد الموقع
  • جاري التحميل ...
  • جديد الموقع
  • الجهات / أحمد الخطيب

    أَكْرِمي جُملتي

    ثمَّ خيطي الندى

    فالمرايا تنادي على سيرةِ الأرضِ فينا

    وفينا عقاربُ وقتٍ تقصَّتْ يدَ الأشقياء

    فهرَّتْ على منزلي رملَ أيامِها السّودِ

    لَمْ تتكئ مثلنا جمرةً

    أو حنينا

    لهذا لهوتُ مع الوقتِ

    حتى غروب الرواسي

    ولَمْ أفترشْ للنهار يقينا

     

    أَكْرِمي جُملتي والمعاني

    وشُقّي مِنَ الأرضِ نبعَ الشقاءِ

    ولا ترحمينا

    لأنا عَطِشنا كثيرًا

    وكنّا نبيعُ مياه الحيادِ

    لأهل الحدادِ

    ونسكَرُ، لو شفَّ ثغرٌ عن الغيمِ

    وانشقَّ لحمُ الكتابة

    حرزًا

    وطينا

     

    جمعنا الهواءَ هنا

    في كراريسِ هذي البناياتِ

    ثمَّ ارتقبنا هطولَ الحجارةِ 

    شيئًا مِنَ الأبديِّ الغريبِ

    تناثرَ صعقَ انتظارٍ، فخضنا

    كما النّاسُ خاضوا لعابَ الحياةِ

    ومرّوا خفافًا على الوقتِ،

    لا وقتَ للناسِ

    حتّى نباركَ هذا الخلاصَ الحزينا

    جمعنا الهواءَ بكرّاس ليلٍ طويلٍ

    كما يفعلُ الأشقياءُ

    وهمْ ينزعون مِنَ الشمسِ جسمًا ضنينا

    وينحدرونَ لملء الفراغِ بناياتهمْ

    ليلَ نثر القصيدةِ

    أو ليلَ هذا المكوثِ على الصبرِ

    ملء التشظّي

    وإيقاع هذا العزوفِ عن الأرضِ

    ملء الصّدى في قرار الصعاليكِ

    إذ يُنشئونَ سجونا

    وإذ يركبونَ القوافي مساءً

    وينسحبونَ مُتونا

     

    كذلك نحنُ انسجامًا

    خرجنا إلى شرفةٍ في الرصيفِ

    ولَمْ نستترْ مِنْ خواءِ المدى مترفينا

    فمالتْ رؤوسُ الشّهودِ على لحمنا

    كانسحابِ الجبالِ على السّهلِ

    إذ ترقبُ الخوفَ فينا

    هوَ السّهلُ يا ليلُ

    فانهرْ عُراة الكلامِ

    فما أرجوانٌ هنا يدَّعي الوحيَ

    لكنّهُ الوحيُ إذ ينزعُ الآنَ منّا

    ضلالًا مبينا

    كذلك مرّ الهواءُ

    ولَمْ يشترينا

     

    ... ظَهَرْنا على الملكوتِ

    سَما طائرٌ في بقاع البلادِ

    على ثورةٍ لانفكاكِ العقالِ

    ومرْبِطِ جوع اليتامى

    ونهر الخزامى

    فجئتُ بأفراس نفْسي

    لأغبطَ ناسي

    وهمْ يصطفونَ نحاسي

    لبعضِ الأماسي

    ولكنني ما خرجتُ عنِ السّربِ

    حتى أعيدَ لكمْ ما رأيتُ

    فصلّوا صلاةَ الدّعاءِ

    وشُدّوا أصابع هذا الدّعاءِ لأجلي

    فقدْ أبرأتنا الحياةُ مِنَ الرّكضِ

    قالَ الإمامُ: تواصَوْا

    وقال المؤذّنُ فجرًا: 

    على سكّة الجُرفِ أمرانِ

    خلو انكسار المرايا

    يقولُ النبيُّ المطاردُ مِنْ أهلهِ:

    لا تردّوا السبيلَ إلى الاعوجاج

    فيَقضي إلى الليلِ

    ذِبْحًا

    سمينا

     

    ويربو طنينُ المكانِ

    على ساكنيهِ، ويُنشى

    وخلو انفتاحِ القصيدةِ في الفجرِ 

    يُنشى الضحى

    بعدَ نأيِ الجهاتِ، جهاتِ السكارى

    ويسمعُ للأحدبينِ أنينا

    كأنّا رَسَوْنَا على الثلجِ

    قال الوحيدُ الذي فرَّ مِنْ طقسهِ باتجاهي

    أنا حالة الصّفرِ

    ذوبُ الترابِ على راحةِ الطاعنينَ القُدامى

    ملاذُ القتيلِ مِنَ الجُرفِ

    صرخةُ أشجارهِ

    إذ تمرُّ على النهرِ عينُ الخطى

    لو تشظّتْ غصونا

     

    على بعد رمحينِ

    خِلْتُ النّدى مُستكينا

    فهرَّتْ بلادٌ على ساكنيها

    وقامر قلبي

    فزدتُ الغمامَ القديمَ سلامًا

    وجئتُ إلى سيرةٍ

    وانحدرتُ صبياً

    وشيخاً عجوزًا

    وغيمًا ثمينا

    فعلَّمني صبرُ نفْسي  

    هنا خلوةٌ في بيات الحياةِ

    فلا تَقْفُ ما ليسَ يُجبى،

    وما ليس يُجبى نهارٌ مُقفّى

    وعُمرٌ مُصفّى

    ولا تَقْفُ ما ليس يخفى

    أنا السرمديُّ

    الجهاتُ أمامي

           ونايُ الرّعاةِ إمامي

    وهذا طريقُ الصّفا

    فاتَّبعْ خطوتينِ على سِلكِ هذا الطريقِ

    ودُرْ حيثُ دارَ بناقتها

    كلّنا عابرٌ للطريقِ إمامًا

    وهُمْ خلفنا سالكونا

     

    كفيفًا تظلُّ إذا ناسَ شيءٌ

    ومرَّت خَطايا الشعوبِ

    على سَعة التائبين

    ووحدكَ تعلو على دمعةٍ في الوجودِ

    خيالًا رصينا

    كفيفًا مُعافى مِنَ الليلِ والنهرِ

    صبرًا لهذي المرايا

    وشعبٌ يرى في منامِ الجهاتِ

    - إذا فرَّ، أو كَرَّ -فجرًا أمينا

    وأنتَ إذا ما احتشدتَ على كلّ نهرٍ

    يُغالبُكَ النهرُ

    أو تقفز الأرضُ مِنْ رحمها

    ثَمَّ رملٌ يعيشُ على وقعها

    في المساءِ هجينا

    كأنّك ما كنتَ

    أو كنتَ مثلي رحيمًا

    وخِلًا لهذي الكتابةِ

    إذ تمنحُ الريحَ وقتًا دفينا

    وتمنح هذا الرصيفَ حورًا مكينا

    كأنّك فينا

    تدوخُ على إثرِ ما يصنعونَ، وتخفى

    فيخفى الرّمادُ

    وتخفى الولاداتُ شيئًا فشيئًا

    وليلٌ طويلُ الغواياتِ

    يغبطُ مشيَ العُراةِ

    وثَمَّ اتّسا...عٌ لشبرٍ مِنَ الموتِ

    شبرٍ مِنَ الانتشاءِ الأخيرِ المُقِرِّ بفعلِ الرعاةِ

    وشبرٍ مِنَ الأرضِ يحتاجُ أنْ نتدلّى

    لنسألَ كلّ الجباةِ: لماذا نبهتمْ

    على شرفةٍ مِنْ خفيفِ الذنوبِ القرينا؟!

    وحِرتمْ بأمصالِ هذي الذنوبِ الصغيرةِ

    كيفَ انسحبتمْ إلينا

    ومنّا

    وفينا

    ولَمْ تُنشئوا سورةً للجمالِ

    الجمالِ المُسمّى يقينا

    كأنك ما جُزتَ رتْقَ الجهاتِ

    ولا خُنْتَ فَتْقَ المرايا

    تشظّيتَ حتّى استللتَ الفراغَ

    استويتَ على الأمرِ

    متَّ كما أنتَ تهوى

    وفي الأرضِ صبرٌ، وعبّادُ شمسٍ،

    وقوسٌ، وأشجارُ كينا

    نويتُ الوضوحَ

    فأورقَ هذا الشَّقاءُ

    وعبَّأني بالضجيجِ كما كنتُ أهوى

    أنا الأبديُّ الأخيرُ

    اصطفيتُ لميلادِ حرفي الرّصيفَ

    وقلتُ لهُ: لا تكنْ مثقلًا بالخطايا

    ولا تنزعجْ بالمرايا

    إذا ما لمستَ الوجوهَ التي في المرايا

    ورحتَ إلى الأرضِ تُبْرِئُ مِنْ وعكةِ

    الريحِ هذا الصّفا

    وجالَ بكَ الصوتُ

    في كلّ ما كنتَ تكتبُ

    أنتَ ولِدتَ لتكتبَ

    عشتَ لتكتبَ

    متَ إذا الموتُ صارَ ذبيحَ النهايةِ

    والحدْسُ صار مُشينا

     

    هيَ الجُملةُ البِكْرُ

    قلْبُ الموازينِ

    غدْرُ النّحاةِ بأفراسها

    والبداياتُ زجُّ التشابُه في لعبة النحلِ

    إذ يفرطُ الوردَ

    يَمْشُطُ سربَ الجبالِ

    ويأتي إلى بيتهِ قاتلًا

    ومُعينا

     

    وبوحُ العلاقةِ بين المؤنّثِ والزهرِ

    بين الوصولِ إلى خلوةٍ

    والنكوصِ إلى فرصةٍ للجلالِ

    وبين المثال

    وبين الخيالِ

    هنا شُبْهةٌ للذكورةِ

    لكنّها لا تَشيُل مداها

    ولا تستردّ يدًا للغزالِ

    وتَعْمى قليلًا، وتُنسى،

    إذا ما تأنّث هذا المكانُ

    المكانُ المُعوّلُ، تُنسى

    كذلك نحنُ إذا ما اختلفنا نسينا

    أَكْرِمي جملتي

    وسيقَ الذينَ اتّقوْا في الخرابِ

    اتّقوْا سالمينا

    لأنَّ البداياتِ

    تشبِهُ أصلَ الوجودِ المُصفّى

    وفتحَ العلومِ المُقفى

    وصفوَ الغيومِ، وأصفى

    لتسلُكَ مثلي على قلَّة البحرِ مِينا

     

    سأفرغُ نصّي على شاطئٍ غارقٍ بالنهاياتِ

    يشتطُّ لو عدَّلوهُ كطودٍ عظيمٍ

    ومرَّ على يَبَسِ الأرضِ،

    يشتطُّ بعدي

    ويقفو على كلّ بحرٍ سفينا

    كأنّي تحوَّلتُ عنْ كَرْمةٍ السِّرِّ

    ظنَّ النبيّونَ مثلي

    وعادوا يظنّونَ أنّي اختلقتُ الظنونا

    أبوحُ لأهلي بأشراطِ نفْسي

    أنا القرويُّ،

    وأكمِلُ حدْسي

    إذا ما اشتهيتُ جنينا

    أبوح لهمْ بالذي فرَّ مِنْ صمتهِ

    واختفى

    ثمَّ حجَّ إلى الماءِ

    كَرَّ إلى البحرِ

    واعتاد مثلي الرّمايةَ حينًا فحينا

    وحينًا أنا أهلُهُ والرعاةُ

    وحينًا أنا صبرُهُ والرّماةُ

    وحينًا أنا صوتُهُ في الشتاتِ

    وحينًا أنيبُ لأهلي شتاتي

    وأسلخُ ما ظلَّ مِنْ أصغريهِ

    لأكملَ نقصي

    وأزداد حِرْصًا عليهمْ

    إذا ما أشادوا سجونا

     

    لأَصْلِ القصيدةِ فصلُ الخطابِ

    وفصلُ الحروفِ

    رميتُ بهِ نحو باب الخيالِ

    إلى حُجُبٍ مترعاتٍ بماء السماءِ

    فأورقَ هذا النشيدُ

    وأورقَ لي بعدَ نشر المرايا

    على السطحِ ريحًا معتّقةً

    واشتهاءً غريبًا لهمْ

    وما ضرّهمْ أنْ ألوّحَ بالموتِ

    ثوبَ حَنُوطٍ مِنَ الناسِ

    أو أنْ أردَّ لأَصْل الحياةِ فتونا

     

    أزحزحُ هذا الخيالَ

    لينشرَ ظلي مدارٌ مِنَ الشمسِ

    وهوَ يوازنُ بين يباس الغيوم

    وردةِ فعلٍ الغيومِ

    إذا صكَّ سيفًا

    وأملحَ كأسًا

    على عَجلٍ في متاهةِ هذا الرصيفِ

    ولكنّهُ كان أقربَ مِنْ نفْسهِ للخروجِ

    على النّاسِ حيًّا وميْتًا

    وأقربَ مِنْ لكنةِ النّارِ

    إذ تنبري للخريفِ

    وخصر المتاهةِ أقرب منّي إليَّ

    ومِنْ نفسِهِ يا أبي

    ما لهذا الخريف يقعقعُ مثلي؟

    ويا مَنْ تأخَّرَ عن نفْسهِ واشتراني

    كأنَّ الفصوصَ الجريئةَ تفتح للناسِ

    باب القصيدةِ

    إذ هُمْ على طينة الحبِّ

    يتكئونَ حصونا

     

    ووسواسُ مَنْ يا دمي

    سوفَ ينثرُ فينا خلاصةَ هذي الجبالِ

    وشكلَ الحوارِ الحزينِ

    ووحدة نشْرِ المرايا

    ومَنْ كانْ يشطحُ مثلي

    حدودُ القبائلِ

    مُلكي

    وخمري

    ووسواسُ شِعري

    وخلانُ عُمري

    ونهري المقفى

    الغريبُ السميُّ المعَدُّ لعصرِ الخلودِ

    وميّاسُ خدٍّ شفيفٍ معافى

    ندوبُ الحصى الراقداتِ

    خيالُ الرفاقِ على كلِّ سيْلٍ 

    قضى الأرجوانُ عليهِ

    وشاخَ شجونا

    ووسواسُ مَنْ يا دمي

    خلفَ شريانهِ المُستبدِّ أطاعَ الهوى

    وغدا مثلَ أنفاسهِ مثقلًا بالشفقْ

    ووسواسُ مَنْ يصطفي طير هذا اليمينِ

    ويشعلُ روح الحياةِ بهذا القلقْ

    ووسواسُ مَنْ كانَ يرحل فجرًا

    وخلوَ اتصالي بحُلْمِ المتاهةِ

    شقَّ لمرآةِ هذا المنامِ جفونا؟!

     

    وليس لشيخٍ عليَّ وصايا

    ولو جردوني الحقولَ الأخيرةَ في الحرفِ

    لو علَّقوني

    على حبل هذي المسافاتِ نفيًا

    وناموا على ثوبِ عمري

    وفِرعُ الصبابةِ يرشحُ زيتًا على البابِ

    يرشحُ فوقَ الثآليلِ لوزًا وتينا

    فلا تمنحونا

    سوى عشبِ هذا الجرادِ مِنَ الأرضِ

    حتّى تكلَّ الفوانيسُ

    والطيرُ

    والأرجوانُ الحرامُ

    وحتّى يُصادِرَ عشبي الهواءُ مُجونا

     

    تأنيْتُ في حذف حرفي

    وأكثرتُ مِنْ لوثة الوسوسةْ

    وجادلتُ أهلي: هنا برقُ ليلٍ طويلٍ

    وبرقُ الغوايةِ أطولْ

    تجاوزتها بهدوءٍ لسردِ الكتابةِ

    قلتُ: إذا عدتُ عاد النبيّونَ مثلي

    على أثَرٍ مِنْ لفيف الجموعِ التي

    أخذتْ زينةَ القومِ

    فاحتاجَ مثلي، ضحى، حاجبُ العصرِ

    عمرًا مؤجَّلْ

    ليدخلَ في الأمرِ، أمرِ التيبُّسِ

    تحتَ أثيرِ الزمان المُكبّلْ

    ويدخل في أمرهِ

    بعد طحنِ الزجاجِ المكثّفِ

    يُلقي بأصحابهِ في غيوم الحديثِ المُبلَّلْ

    وينسفَ عينًا مِنَ الريحِ

    تعبرُ في نقرتينِ

    وتمهلُ مَنْ كان يشطحُ

    في المغرياتِ بطونا

     

    لكَ الآنَ

    أنْ تُفرِغَ الممكناتِ مِنَ الشكِّ

    تصحبَ نجمًا إلى بيتهِ في الضحى

    وهناك تُعيدُ إلى الانشقاقِ يدينِ

    وإنصات قلبٍ إلى مرفأ في الأعالي

    لتخلدَ

    أو لتعودَ بريئًا مِنَ الظنِّ

    كيف انبطحتَ

    وكيف ارتجفتَ

    وكيف إذ قيلَ سوّوا الصفوفَ

    استويتَ

    فقمتَ

    وعدتَ كثيرًا

    إلى علَّةٍ في القصاصِ

    ودرتَ إلى النائباتِ

    إذا طاح شيءٌ غريبٌ على بزَّة الأرضِ

    واخترتَ بيت السفرجلِ

    ريحَ الهبوبِ

    وميزانَ كنعانَ قبل انتشار الوباءِ

    وفاض على سِمسمِ الوقتِ ملحٌ

    وخانكَ جيلٌ

    وبضعُ نوازلَ

    حتى احترفتَ الدّيونا

    لك الآنَ أنْ تستردَّ الديونَ

    وتعطي الحياةَ جلالًا مُبجَّلْ

    جمالًا مُعطَّلْ

    وماسًا لهبَّةِ دُنيا

    وتضحى على كلّ حالٍ

    فما عرفوكَ

    وما عرفونا

     

    ولي أنْ أصافحَ بيتًا غريبًا مِنَ الشعرِ

    أقرب مني إليَّ

    ويمشي على حرصهِ

    نحو بيتِ القبيلةِ

    ينأى، ويقرُبُ،

    يدخلُ أرضَ الوزارةِ

    يمسحُ خيطًا على رسلهِ في المساءِ 

    ويهجر رأد الضحى

    ثمّ يغدو كفيفَ انتظارٍ

    وتمشي لهُ الأعطياتُ، فينفر،

    تمشي إليهِ البلادُ القصيَّةُ

    تغرقُ فيها البلادُ القريبةُ، يمشي،

    وينسلُ صوفَ الحياةِ

    ويغدو عصيّا

    ولي أنْ أصافحَ فيه قرايَ الدفينةَ

    خلو الشتاءِ لريحِ الشمالِ

    وبابًا إذا أوصدتهُ المرايا أتى مطمئنًا

    ويعرفُ أني خِلافَ الذين استعدّوا

    وعادوا شظايا

    وما أمسكوا مِنْ تباريحهِ

    غيرَ نقصٍ شديدٍ

    بوعي شديدٍ

    وظلّوا جُباةً

    سوى شاعرٍ ظلّ مثلي وفيّا

    وفيًّا لأبنائهِ إذ يُحيلُ البناءَ إلى سيرةٍ

    والحياةَ إلى سورةٍ في كتابٍ عتيقٍ

    ويملكُ مثليَ حِصنًا حَصينا

     

    سلامٌ عليَّ

    على الشِّعرِ يغبطُ أفراس نفسي

    ويفرُشُ لي عند موتي 

    سجاجيدَ مِنْ عنبرِ الفقهِ

    فقه المرايا لأنهارها في الخيالِ

    وفقه السؤالِ عن الابتكارِ الجديدِ

    إذا تمّ عَكْس الرّضا

    في ضرامِ التحوّلِ

    عن مغرياتٍ أزغنَ عيونا

    سلامٌ عليَّ

    على مَنْ أطاحَ بأسلاكهِ المنجياتِ

    ومَنْ لفَّ لي في المساءِ غطاءً وقورًا

    ومَنْ هزَّ كفّي

    وخالفَ عصفي

    وأفردَ لي بعضَ هذا التخيِّلِ

    حتّى أقيم لهُ في السماءِ بلادًا

    وأغري بهِ عصفَ هذي الدروبِ هوى مالحًا

    ثمّ أُخلي لأصحابهِ في الحرابةِ

    جرحًا ثخينا

    لأصعدَ كالروحِ مِنْ قَدَمِ الشيءِ ألفَ كتابٍ

    وأُفْرِجَ عني

    عنِ الماءِ في الغيمة البائسةْ

    لأقطعَ ما لا يُراعى مِنَ الأرضِ

    هجرَ يدينِ،

    وميلادَ أغنيةٍ ناعسةْ

    وإنْ بدَّلوا لي ثيابي

    هُمُ الأشقياءُ

    ووحدي الذي أيقنَ الأمرَ

    في جملةٍ دارسةْ

    خلوتُ بها

    فانكسرتُ

    انهزمتُ

    انتصرتُ

    ارتحلتُ إلى الشكَّ ليلًا

    وبابي مدينٌ لأيقونةٍ حارسةْ

    خلوتُ بها

    وانتبذتُ المكانَ المُحرَّمَ

    جُزتُ اتّساع الينابيعِ

    ثمَّ اختصرتُ المسافةَ

    بيني وبينَ رُهابِ الحروبِ

    لأدخلَ في ميعةِ الوقتِ

    حتّى إذا ألبسوني قناع البلادةِ زحفًا 

    إلى محو هذا الزمانِ

    خلوتُ إلى العصرِ روحًا

    وأنزلتُ لي مِنْ سماء النّحاسِ نجومًا

    ومِنْ أرضها البِكْرِ ما قد يليقُ بكأسي

    ومِنْ تحت هذي الكمائنِ سردًا

    أجولُ بهِ كلّ شبرٍ

    ومِنْ فوق ليل المدائنِ شبرًا

    لأنحتَ شيئًا قريبًا مِنَ المُنجياتِ

    انحسارًا لمجرى الجروحِ على الجسمِ

    فصلًا لميقاتِ نومي وبعثي

    سلامٌ عليّ

    على العاشقاتِ انسلخنَ عن الزنزلختِ

    وعدنَ إلى النبعِ ماءً مَعينا

    إذنْ أَكْمِلي جملتي

    جملةَ الصبرِ عنْ خِرقةٍ في الحروفِ

    ولا تصلبي صورةَ العائدين

    فحُسْنُ التخلُّصِ

    أنْ تدفعي بالخيالِ إلى حُجرةِ الشِّعرِ

    عصفًا متينا

    وأنْ تزهدي بالمرايا

    وأنّاتِ ليل الصبايا

    وأنْ تفرجي عن أصابعَ مِنْ مرمرٍ الحدْسِ

    أنْ تزحفي كالهواءِ المُبجَّلِ

    في قطرة الغيبِ

    حتى إذا ما اتّكأنا عصا الأرضِ

    مالتْ شقاوةُ هذي البيوتِ

    وقالت: هنا الأرضُ مفتاحُ جنَّتنا المُقبِلةْ

    ومفتاحُ سردِ المرايا أمام الضيوفِ

    وأهل الدفوفِ

    وأهل الصروفِ

    وأهل التواصلِ بين المُتاحِ مِنَ العشبِ

    والقُبّراتِ

    وأهلِ النزولِ إلى شارعٍ طافحٍ

    بالحنينِ المُنقّى

    هنا الأرضُ تبقى

    وجودًا صغيرَ المساحةِ، لكنّهُ

    باتّساعِ المدارِ مِنَ النّاسِ والطيبينَ

    وإنْ غمزوا لفتةً باتجاهِ دمي

    يحضرونَ فرادى

    وينسجمونَ مع الأرضِ مثلَ الثقات الحضورِ

    عُراةَ النحورِ

    على راحة العشبِ مثلي  

    ولا يُرْجِعونَ إلى وِزْرةِ الشكِّ أمرًا

    ولا يُرهِنونَ الغيومَ

    ولا يحجبونَ الصعود الأخيرَ إلى الشمسِ

    لا يبرحونَ دم الزنزلختِ

    ولا يشجبونَ الغوايةَ ميلًا هتونا

     

    وحَصباءُ هذي البقاعِ

    أواخرُ جسرٍ عتيقٍ تجرَّأَ

    أنْ يدفعَ الناس قبل الفراغ الأخيرِ

    وقبل انتشالِ الضفيرةِ مِنْ رأس أنثى

    كأنّكَ تنسى

    هنا كانَ موعدُها الأبديُّ المُغبَّرُ

    حتى هضاب الجبالِ التي كفَّ عنها الرّعاةُ

    وهمْ ينزِلونَ عُراةً

    وفيهمْ هنا حجةٌ للسؤالِ عن الأغنياتِ

    وإيقاعُ توريةٍ

    ومزادٌ أخير

    وفوضى تجبُّ البداياتِ

    أكثرَ مِمّا يرى الطيبونَ الكسالى

    وفيهم مزايا

    يردّونَ للوقتِ أنفاسهُ الأخرياتِ

    ويمتحنونَ البناتِ اللواتي يجئنَ مِنَ الجرحِ

    لا جرحَ يصبو

    ولا جرحَ يخبو

    ولا ناي

    إلا إذا ابتعدَ الطيبونَ عن الريحِ

    ثمّ استداروا هنا طيبينَ،

    يطيبونَ مثلي

    ويقتلعونَ الخطى

    صورةً إِثْرِ ما يصنعونَ مِنَ الشِّعرِ

    عجلًا لهُ الريحُ تُغري الخوارَ

    ليفقهَ ميلادَ هذي الغواياتِ

    يقرأُ غيمَ النبيِّ: اتبعوني

    هنا يفرحُ الوردُ والمفلحونَ

    ومكيالُ نثر الحقيقةِ في الشِّعر

    صبرُ البنفسجِ

    عنبرُ هذا التراخي لكلّ الجهاتِ

    الجهاتِ التي لا يُراد لها

    أنْ تقيسَ الغروبَ ولو زيّنوها

    وشيَّعَ مثلي

    لها في الحديث فنونا

     

    وفيهمْ بقايا سلامٍ

    وإيقاعُ عينِ التفاتِ النشيدِ

    إلى ثورةٍ لَمْ يطأها سوايَ

    وقد عاجلوها المهادَ فكرَّتْ

    وفرَّتْ

    ووحدي الذي نامَ بين المرارةِ والعصفِ

    ثمّ اهتدى للطيورِ الكثيرةِ في حقلهِ

    للحجارةِ في حرفهِ

    للنساء على كلّ حالٍ

    وقرَّ على أنْ يعيدَ الجهات إلى أصلها

    في السلالةِ

     ثمّ إذا قرَّ في الصمتِ

    أرخى عليها ثياب الطفولةِ

    نهرَ انشغالِ الجمالِ

    بميزان هذا الجمالِ

    وسِحْرًا مِنَ الجِنِّ

    جِنِّ الحراكِ الأخيرِ على سطح دارٍ

    لها ألفُ شيخٍ

    وَظَلَّ يماري الغيوبِ

    يماري السطوحَ

    ويقطعها كَيْدَ ساحرْ

    ومأوى لأجدادهِ المتعبينَ

    وقيثارة ألبستْ لحنها

    في المنامِ مَنونا

     

    كأنَّ القصائدَ أرجوحةٌ للمغنّي

    ولا يستريحُ المُغنّي

    هوَ الأبديُّ الطريدُ مِنَ العِطرِ

    عطرِ الفتى،

    لو تغبّرَ مثلَ العجوزِ سنينا

    ولا يستريحُ مِنَ اللحنِ، لكنّهُ

    لو أتى يستعيدُ النوايا

    يضلُّ قرونا

    ويحلجُ في الفجر كاف الخلودِ

    وينسِلُ مِنْ رايةِ الشِّعر نونا

    إذنْ أَكْمِلي جُملتي في الخيامِ

    ولا تكسري الروحَ فينا

      

    إرسال تعليق

    التعليقات



    جميع الحقوق محفوظة

    العهدة الثقافية

    2016