من منشورات نادي حائل الأدبي ،صدر حديثا كتاب الدكتور راشد عيسى مشتملا على رؤية تقديمية كتبها الناقد الدكتور محمد صالح الشنطي وتمهيد للدراسة يوضح أن الربع الأخير من القرن العشرين شهد حضورا لشعر المرأة العربية وأن الشاعرة السعودية بدأت تأخذ دورها في الحراك السسيولوجي المتنامي في التدريس والتمريض والعمل الأكاديمي والإبداع بكن الشعرية النسوية في المملكة وهي جزء من سيرورة الأدب العربي ،ظلت خافتة الضوء الى ما قبل خمسة عشر عاما زاد الاهتمام بعدها بالأصوات الشعرية وتراجع تواري الشاعرات خلف الأسماء المستعارة وأصبحت الأشعار النسائية ضمن مختارات عربية.
يستعرض المؤلف جهود من سبقوه في تجلية أهم
ملامح الشعر النسائي في الساحة السعودية،
أما مقارباته فتنحو نحو الاجتهاد في تغطية الشعر النسائي مسارا وملامح فنية
استنادا الى المنهج التحليلي الفني والمنهج التاريخي بهدف التعرف لأهم الأصوات
الشعرية التي حاولت الاشتباك مع الخطاب الشعري المعاصر دون أن تنطلق الدراسة مما
يسمى بالشعرية الأنثوية كنسق ثقافي بل تنطبق من معيار التشكيل الفني وتجلياته
الجمالية إذ لا خصوصية لقصيدة الرجل أو المرأة إلا بما توحي به القصيدة من جماليات
وملامح فنية .
بعد اطلاع الباحث على ما يزيد على مئة مجموعة
شعرية لشاعرات عربيات في ربع القرن العشرين الأخير
، تبين للباحث أن المستوى الفني للشعر النسائي
العربي الجديد يكاد بكون متشابها من حيث النشأة والتنامي والتجريب وإن كان الفضاء
الذي تتحرك فيه الشاعرة السعودية أضيق من مثيله في أقطار العالم العربي الأخرى
وأقلّ حظا من المتابعة.
تغطي
الدراسة ملامح التشكيل الفني في قصيدة المرأة السعودية الفترة من 1960حتى2006 موجها
اهتمامه الى أهم عناصر البنية الفنية في القصيدة
(الموسيقى واللغة والصورة) لتقليل حجم
الالتباس بين شعرية النص ولا شعريته، بعد أن وجد الباحث أن الانحياز لقضايا المرأة
على حساب القضايا الفنية كان رائد بعض من تناولوا تجربة المرأة الشعرية التي وجد
فيها قلة من الشاعرات من تحاول الاجتهاد في تطوير تجربتها وتأكيد موهبتها بمرجعية
فنية واعية.
قدّم الباحث دراسته ضمن مجموعة محاور ملتفتا الى
أنماط البنية الفنية في قصيدة المرأة السعودية هي:
أولا: البنية
الغنائية التقليدية.
وشملت الشاعرات: سلطانة السديري، مريم البغدادي، رقية ناظر،
إنصاف بخاري،
هيام حماد،
منتهى قرش،
ونورة الخاطر.
وفيها ذكر أن الشاعرة العربية وجدت في
الرومانسية سبيلا أمينا لتهريب ذاتها وعاطفتها بالشعر الغنائي الرومانسي وقد بالغت
في الشكوى والأنين والتوجع واستدعاء الذكرى مخنوقة بقوالب
غنائية جاهزة تضمحل فيها الصورة الفنية.
ثانيا:
النية الرمزية المتجددة.
وشملت
ثريا العريض، خديجة العمري، غيداء المنفى،
لطيفة قاري،
أشجان الهندي، فاطمة القرني، بديعة كشغري،
وآمال بيومي.
وفيها يلحظ الباحث أن الشكل الجديد في قصيدة
التفعيلة أدى الى التنوع الجمالي والتوسع في التصوير الفني وأساليب اللغة الشعرية
وفيها صعدت القصيدة الى الرمز في حرية تعبيرية تحترم الذائقة الشعرية الجديدة
وتستولد أساليب فنية ترفع منسوب الشعرية كالمقارنة والتناظر واستطاع الأسلوب
الرمزي أن سيستحضر منظومة من أشكال الموروث وقدم جماليات تصويرية لغوية وحوارات
نفسية مع المكان.
ثالثا:
البنية التجريدية (قصيدة النثر)
وشملت الشاعرات فوزية أبو خالد، هدى الدعفق، لولو بقاشان، سارة الخثلان وهيلدا إسماعيل.
يؤكد الباحث هنا أن الاختلاف النقدي حول تجنيس
قصيدة النثر ما زال قائما ومتباين الآراء
ومتعددها وإن كان أغلبها حذرا
متشككا من صحة المسمى أو السخرية منه .يعود سبب نفور الجمهور العريض من
النقاد والمتلقين لقصيدة النثر الى تحللها من أبرز قيد فيّ في الشعر وهو الموسيقى
وهو ما منح الكتاب فرصة التجريب ومساحة المغامرة، مع أن نمطية التجريد وإغراب
التصوير الفني أفقد بعض كتّابها خصوصيتهم وفرادتهم ، مع أن الدارس لن يستطيع أن
ينفي ذيوع قصيدة النثر في الوسط الأدبي العربي ولا ذيوع الكتابة التساؤلية عن
جدارتها الشعرية.
رابعا:
الخواطرية الشعرية.
ويمثلها في الدراسة كل من عزة شاكر وهدى الرفاعي.
وهي عبارة عن منثورات ومقطوعات أدبية تصبغها النزعة
الرومانسية المعتمدة على نبض الخلجات
النفسية والخطاب الذاتي، وهي مقطوعات أدبية رقيقة التعبير والصياغة أطلق عليها باطمئنان الخواطر الشعرية تحمل
خميرة الإبداع الشعري والبوح الوجداني الشفيف في قوالب خواطرية معطرة برذاذ الشعر
مفتقدة الى عنصر الموسيقى وجاءت على شكل تداعيات مشاعرية بمضامين متنوعة لا يحكمها
بناء شعري معروف.
خلص الباحث في دراسته الى مجموعة ملاحظات وضعها
في فواصل كان أهمها أن القيم الجمالية عند شاعرات القصيدة الرومانسية التقليدية
كانت قليلة وأغلبها جاء صدى لقصائد أخرى ومحاكاة للملامح الرومانسية السائدة وغليت
عليها الغنائية المفرطة والبوح الأحادي.
استوعبت بعض شاعرات الرمزية المتجددة نسبة جيدة
من ملامح التطور الفني في القصيدة الحديثة، هناك تنام مضطرد في شعرية (أشجان
الهندي) وثقافتها التراثية التي توظفها بتميز في
قصائدها الموزونة.
**
قصيدة المرأة في المملة العربية
السعودية /مقاربات تطبيقية
تأليف:
الدكتور راشد عيسى
منشورات نادي حائل الأدبي/ دار
الانتشار العربي ،بيروت ،202 .ص.
إرسال تعليق