قد جئتُ للقدسِ العتيقةِ زائرا
أُقضي معَ التاريخِ يوماً عاطِرا
فمضيْتُ توّاقاً إلى حَاراتِها
أرنو إلى ماضٍ وأقرأ حاضِرا
أمشي هنا وهناكَ أحسُو رشفةً
من بُنّها...من مائها مُتَشاعرا
فأقولُ فيها الشعرَ ..أكتبُ ما بدا
وأرَدِّدُ الكلماتِ هَمساً ناضِرا
فَهنا رَسولُ اللهِ أسرى حاملاً
في راحَتيْهِ القدسَ آياً طاهرا
وهنا تَخُطُّ الحادثاتُ مَلامِحاً
بيضاً ومَجداً رافلاً ومَصائرا
وهنا تراءتْ للعيون بطولةٌ
ضربتْ لنا مثلاً شَرُودا سائرا
وهنا بدا لِبني أمَيَّةَ أنّهم
خَطُّوا منَ التاريخِ عهْداً زاهِرا
وهُنا صلاحُ الدين كانَ ولم يزَلْ
يرقى أمَامَ الثائرينَ مَنابِرا
وهنا الفلسطينيُّ أقسَمَ أنّهُ
لن ينحني يومَ الوقيعةِ صاغرا
شقَّ الطريقَ وما يَزالُ مُضرَّجاً
بدمائهِ عالي الجبينِ مُفاخرا
ورَنا لهُ التاريخُ يسألُ ما مدى
وقعِ الجراحِ وكيفَ تمضي صابرا؟
هيَ صورةٌ أخرى وألفُ حِكايةٍ
مرَّتْ ببالي فانتَشيْتُ مُكابرا
أمشي وأصغي مُطرِقاً ويَهُولُني
عبَقُ القرونِ عَلَى المنافذِ سَاهِرا
عَبَقُ القرونِ الخالياتِ وطيبُها
يحكي بُطولَةَ أهلِها مُتفاخرا
فالمسجدُ الأقصى يشِعُّ بنوُرِهِ
ويُضيءُ للساري إليهِ مَنائرا
وهُنا حجارتُها العتيقةُ شاهدٌ
يحكي منَ الآياتِ حُسناً ساحِرا
وشوارعُ القدس الجميلة جنّةٌ
تجري بها الأنهارُ فيضاً غامرا
والأهلُ يا أهلي رأيتُ وجوهَهم
حيْرى ويَهمي الدمعُ غيماً ماطِرا
فلقد أتى الغُرَباءُ واستَعَرَ اللظى
وتبَدّلَ الزمنُ الجميلُ مُغادِرا
فمضيْتُ والصبرُ العنيدُ يقودُني
للمجدِ- رغمَ جراح قلبي- كاسرا
فالقدسُ في عُمق الوريدِ ودُونَها
لا أرتئي في الكوْنِ حُبّاً ناضرا
إرسال تعليق