حيث انني خارج الفضاء الثقافي لمدينة اربد التي اختيرت هذا العام لتكون عاصمة الثقافة العربية، لم أعرف إلا القليل عما جرى، سواء عند تشكيل المجلس التنفيذي واللجان المساندة،أو في فعاليات الافتتاح الرسمي لمدينتنا التي شكلت وما زالت تشكل واحداً من أهم روافد الثقافة العربية الأصيلة ، وقد تابعت بأسى عميق كافة الملاحظات الصادمة للوجدان الثقافي الذي يفترض أن يكون منحازا للثقافة باعتبارها الأس الذي تنبني عليه المجتمعات إنسانيا ومعرفيا، الانسحابات التي توالت من قبل زملاء مؤسسين للمشهد الثقافي الوطني ومشاركين بشكل فاعل في مختلف تظاهراته ومساهمين في إثراء مفرداته ، يجب أن ينظر إليها على أنها ليست مواقف فردية عابرة ولا تؤثر على مسيرة تفصلنا خمسة أشهر على وداعها، بل تقع في صميم الاحتجاج العلني على هفوات قد تؤدي إلى إفراغ الحدث من محتواه الحضاري وتحويله إلى مجرد عرس فوضوي سينتهي من غير أن يترك في المدينة شيئا يندم على غيابه أحد من مثقفيها أو ساكنيها.
لقد تحدثت مع بعض الزملاء المنسحبين ووجدت أن لديهم من الأسباب الثقافية ما يستوجب المراجعة من قبل المعنيين وفي مقدمتهم وزارة الثقافة قبل فوات الأوان وإلا فإن الأردن سيخرج ضئيلا أمام من سبقنا من الأقطار العربية الشقيقة، وسيترك الحدث شرخا عميقا في الجسم الثقافي الوطني، الذي لم يعد يحتمل تهميش المثقفين ، ومحاولات إقصائهم، وتسليم القوس لمن -قد-يعلم أن تسطيح الفعل الثقافي هو أول مراحل الهزيمة والاضمحلال.
أقول هذا لمن يؤمن بأن
الثقافة هي درع الأمة وآخر ما يتبقى لديها من حصون !!
إرسال تعليق