-->
العهدة الثقافية  العهدة الثقافية

المبدعون وخيارات التعدد د. سلطان الخضور


لا يبدو المشهد الثقافي الإبداعي الأردني ضبابياً عندما يتعلق الأمر بالتعدد. فالشريحة التي ترسمها الذاكرة لكل المبدعين الأردنيين على الأقل ممن عرفهم كاتب هذا المقال على مدار أعوام أو ممن تمكن من الاطلاع على سيرهم الذاتية معظمهم من المعدّدين وقليل منهم من ارتضى بالتفرد, أعني الاكتفاء بحالة واحدة.

      أرى أن المشهد الإبداعي يظهر المثقفين على صور ثلاث، وكلّ سواء من عدّد أو قصر الأمر على جنس واحد له مبرراته ودوافعه وبالتالي له جمهوره ومن يرتادون نواديه.

        من المبدعين ونحن هنا نستثني الخربشات والدردشات الخاصة بالعالم الأزرق على وسائل التواصل الاجتماعي ونعني هنا المبدعون الحقيقيون، ممن لهم إسهاماتهم في الأدب بشكل عام. من هؤلاء من يبدأ إبداعه بجنس أدبي واحد وتنتهي سكة قطاره به ويعتبر الجنس الأدبي الذي سلكه بمثابة تخصص أكاديمي فلا يفرع ولا يعدد، - وهؤلاء قلة - فمن الشعراء مثلاً من يبدؤون شعراء وينتهون شعراء، ومن المبدعين من بدأ روائياً وانتهى كذلك.  وهؤلاء وإن كانت نجاحاتهم كبيره إلا أنها نسبية  فيما بينهم, الأمر حسب وجهة نظري ينحصر في أسباب ثلاثة, فإما أن يكون المبدع مبدعاً حقيقياً تملك أدوات النجاح ووظفها وحقق إبداعا يعتد به، وهو هنا يصبح غزير الإنتاج لأنه يضع كل تركيزه على نمط معين. ويصبح له جمهوره ومن يفتقدون غيابه عن منتديات الإبداع إذا غاب, أو أن منهم - وهم قلة - من لا يجيد إلا هذا اللون من الإبداع ولا يريد أن يخوض في عوامات لا يجيد السباحة بها, ويخشى أن يغرق. أو أنه جرب الخوض في هذا المعترك بشكل غير معلن ولم يجد له مكانا في حقول أخرى فخرج بصمت, والتجربة من حق المبدع, فلينقل قلمه ما شاء من الأجناس فالتجريب من حق كل الناس. المهم أخيراً أنه سيجد مكاناً يفرغ به ما يجول بخاطره. 

      أما المعدّدون وهم يشكلون نسبة عالية من المبدعين فهم أيضا لهم أسبابهم وحساباتهم وهم أيضا أغلبهم ناجحون كغيرهم من غير المعدّدين, حيث تعدادهم يكون نتيجة إحساسهم بأن هناك من القصص والحكايا ما هو مخزن في حجرات عقولهم, لا بد أن تخرج إما على شكل قصيدة أو قصة أو خاطرة أو مقالة أو رواية , المهم أنها يجب أن ترى النور وهؤلاء أيضاً نسبيون في نجاحاتهم على مستوى الجنس الأدبي ونسبيون فيما بينهم.

    سواء عدّد المبدعون أو أفردوا واختصروا, يبقى أمر الجودة هو المحدد الأساس فهو الذي يحدد المسافة بين المبدع ومتابعيه, وأن الألقاب قد لا تتفق مع المنتج بكسر التاء أو المنتج بفتحها, وقد يمتاز محدّد ويفشل معدّد وقد ينجح معدد ويفشل محدد, والناجحون الحقيقيون من لا يلتفتون إلى الألقاب, ويتركون أمر تصنيفهم إلى المتلقين.

إرسال تعليق

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

العهدة الثقافية

2016