ساحة الفن التشكيلي بين الفوضى والغياب الفكري خليل كوفحي
أخشى أن يأتي وقت تضيع فيه المعايير فيصبح لا فرق بين (المبدعين
والمدعين وبين الفنانين والمهنيين ) ذلك أن حالة غريبة استغلت مواقع التواصل
الاجتماعي التي أتاحت المجال إمام العبثيين حيث شجعت كثيرين كانوا يفكرون ألف مرة
قبل أن يدلوا برأيهم في لوحة على أن تمتد أيديهم للعبث بالألوان ويمارسوا حالة من
الاجتراء على الفن معتبرين أنفسهم فنانين وفنانات تشكيليون وتشكيليات مبدعين
ومبدعات
ومن المؤسف أن حياتنا الثقافية والفنية ابتليت بما يمكن أن نسميه (الفوضى الفنية الغير ابداعية ) اهتزت فيها المعايير ودخلنا في حالة من شعوذة المصطلحات والمسميات المختلفة للمجموعات الفنية الدخيله التي في كثير من الاحيان تدار من قبل ناس قابعين في حجراتهم الفكرية المهترئه ودجل المفهوم الدخيل على الفن التشكيلي بمسميات كبيرة على أوهام صغيرة نُفخ فيها وتضخمت حتى باتت تتصدر المشهد . ويبدو أنه في عالم الإبداع تتوالد الأوهام وتتناثر كالطحالب في زمن وجيز..
ومن الغريب أن هذا لم يكن ليحدث لولا أن النقاد الحقيقيين الذين هم حماة الفن وحراسه سكتوا واكتفوا بمراقبة عبث الصغار حتى نما وتحول إلى واقع بالقوة فضلا عن غياب رقابة حقيقية من كافة الجهات المسؤوله ذات العلاقة . ومن ذلك ما حدث في الشعر ايضا وكثرة الشعراء على مواقع التواصل الاجتماعي حين ابتليت الساحة بما يسمي (قصيدة النثر) التي لا يتورع المنظرون لها والمبشرون بها عن الإعلان بصراحة أنها صرخة ضد البلاغة العربية القديمة و"القديمة" هنا تعني الأصيلة بل إن بعضهم لا يتورع عن القول إنها انقلاب على العربية!
وقريباً من ذلك راح الكثير من الهواة العابثين والمحترفين باللعب بالمصطلحات في ساحة الفن التشكيلي وتأسيس مجموعات تشكيلية وهمية على الفيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعي بكل مكوناتها ولم يألوا جهداً في الالتفاف على مصطلحات واشتقاقات وعقد مسابقات فنية هدفها استغلال الموهوبين ولكن يبقى الفن ليس منتجاً جمالياً بقدر ما هو منتج فكري ايضا .
قديماً كان الفنان التشكيلي يفكر ألف مرة قبل أن يقدم على إقامة معرضه الشخصي حيث كانت اللوحة تستغرق وقتاً طويلاً وكان الأمر في الفن الواقعي أكثر وضوحاً والنقد تحديداً محكماً إلى المقارنة الدقيقة بين الطبيعة وما نقله الفنان منها حيث كان الفنان أول ناقد لنفسه إذا خرجت معاييره غير متطابقة لمعايير الواقع. لقطة ارشيفيه في احدى قاعات المعارض.
____
* رئيس جمعية الرواد للفنون التشكيلية . وآرت جاليري توداي.
إرسال تعليق