-->
العهدة الثقافية  العهدة الثقافية

التقابلات والثنائيّات في رواية وقُتِلتُ مرّتين لسماهر السّيايدة



  بقلم: محمد فتحي المقداد


(وقُتِلتُ مرّتيْن) عنوان صادم بدلالته المنطوية على الألم والخوف وضياع الأحلام وانسداد الأفق أمام انطلاقها إلى عوالم رحبة تتّسع للمزيد.
بينما الحروب والصراعات أقوى بجبروت قوّتها من الأفراد وبعض المجموعات البشريّة، ليس لها إلا حكم واحد غالب ومغلوب، فشروط وقوانين الغالب يرفضها بلا قيود من قانون أو أخلاق أو دين.
وعنوان الرواية جاء عتبة صالحة للعمل من الروائية (سماهر السيايدة)، تجاوزت بروايتها خارج حدود المملكة لتُسلّط الضوء على مُخرجات الحرب القذرة في إقليم مُلتهب كل ما فيه، وآثارها المُدمّرة لكلّ مُقوّمات الحياة بدقائق تفاصيلها؛ فالتهجير نتيجة طبيعيّة محتومة، والمآلات التي ستؤول حال المُهجّرين من ذُلّ التشريد والقهر وتعرّض بعض النساء للاغتصاب.
*
شخصيات الرواية:


الطبيبة النفسيّة (شمس) وزوجها الأستاذ في الجامعة اللبنانيّة (جورج)


الخادمة السّنغاليّة (منيو سكليت)


ياسمين البنت اللاجئة السوريّة القادمة من مدينة حلب.


البنت (روز) القادمة من مدينة غزّة في فلسطين.


الطبيب المصري (سيف)


الطفلة (أمل) ابنة ياسمين، وهي نتاج حادثة اغتصاب.


*
ابتدأت الرواية بافتتاحيّتها استهلالًا بأغنية (الأماكن) للمطرب (محمد عبده). هي الأماكن نسكنها وتسكننا، وترتحل فينا إذا ارتحلنا، فتلتهب الأشواق و تجرّنا مُرغمين بحبال الحنين، فتكون على الأقلّ أجمل بقاع الدنيا بما تحمل من ذكريات وأحلام وآمال زرعناها هناك، وربّما لا تعني للآخرين شيئًا.


وجاء فضاء الرواية المكاني يحمل دلالات الإنسانية وهمومها والحرب والدمار والدموع والآهات والأحزان.


*
التقابلات الثنائيّات:

جاءت واضحة المعالم في رواية (وقتلت مرتين) تمامًا بتكامليّة سردية

تجلّت فيها الكاتبة ونسجت الحدث الروائي على حبالها.
١الوطن والمنفى، التهجير القتل، الدمار والتشريد، القوي والضعيف.
٢البيت في الوطن والخيمة في المخيّم في بلد اللجوء.
٣دفتر ياسمين الذي سلّمته لصديقتها (روز) كأمانة، وكان عبارة عن قصة الرواية بأكملها، حيث كانت الراوية الخفية (روز) عن لسان ياسمين عن لسان الكاتبة سماهر .


ودفتر (سيف) الطبيب كتب فيه مذكّرات حكاها، واعترف بها لياسمين زوجته.
بعدما دخلت ابنتها(أمل) وعبثت بمحتويات الدفترومنذ زواجهما كان قد حظر عليها دخول غرفته بتاتًا.


٤ياسمين مهجّرة قسرًا وصديقتها (روز) أيضًا مُهجّرة مثلها قسرًا، بينما الخادمة (منيو سكليت) مهاجرة بإرادتها بقصد اكتساب العيش. ثلاثتهن لهن وطن في مقيم في الذاكرة.


٥ياسمين تتشابه مع سيف، كلاهما حمل مأساة، وكلاهما بعيد عن وطنه، ولم الخيار خيارهما حتى في زواجهما الذي تمّ نظريّا ولم يكن عمليًا أبدًا.
٦الجامعة كانت الإطار الذي لملم جزءًا من الحدث الروائي، بمقابل المشفى الذي أسجلت الستارة فيه على النهاية التراجيديّة للرواية.
٧أسرة ياسمين التي مات أفرادها بسبب الحرب. وأسرة الطبيب سيف التي بقي أفرادها على قيد الحياة، وممارسة الانحراف الأخلاقي بسبب الفقر. الحرب والفقر أيقونتا الدمار.


٨تشاركية المآسي، فلكل إنسان مأساته المفصّلة حجم صاحبها.
٩وقتلت مرّتين. دلالة العنوان لبطلة الرواية ياسمين. مرّة حينما اغتُصِبت. وأخرى حينما أحبّت. فكان الموت مزدوجًا. أحياء بلا قبور.
١٠أسرة الطبية النفسية (شمس) وزوجها الأستاذ الجامعي (جورج)، هي الوعاء الذي استوعب أبطال الرواية، وكوّن لهم أسرة بديلة مليئة بالحنان والعطاء بلا مقابل. وبالتالي كانت المحور المُحرّك المُشوّق للحدث الروائي
 .

عمّان- الأردن


٣١ /٨/ 2019‪

 

إرسال تعليق

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

العهدة الثقافية

2016