-->
العهدة الثقافية  العهدة الثقافية

حروف... حَكايا الأُمَّهاتِ لِمَ تَبعثُ في النَّفسِ الشُّعورَ باليُتمِ والوحدةِ؟! / نسيبة علاونة

نسيبة علاونة

 أخذها الوجهُ القمحيُّ المحاطُ بمنديلٍ أبيضَ بعيدًا في بدايةِ الحصَّةِ السَّادسةِ

نظرَت للأصابعِ السمراءِ الصَّغيرةِ وهي تمدُّ نحوها مجموعةَ القلائدِ المحمّلةِ ببعضِ أحرفِ اللغةِ الإنجليزيَّةِ، الحرفُ الأوَّلُ كان بدايةَ اسمِ أُمِّها ....

الحرفُ الثّاني الحرفُ الثَّالثِ.. لم تنتبه لِمن كانا ؟ ،ولا لبقيَّةِ ما تمتمَت بهِ ،، الملاكُ البريءُ كانَ عائدًا من البازارِ بفرحةٍ عارمةٍ تَفُوقُ الحرفَ الصَّغيرَ ، وبعالمٍ فضفاضٍ مُحاطٍ بالبهجةِ كان ثمنُه بعضَ القروشِ وأثرُهُ حكايةً ستبقى في نفسِ الأمِّ وفي ذاكرةِ مُعلّمةٍ غريبةِ الأطوارِ دائمةِ الطَّوافِ في الوجوهِ والبحثِ فيها ربّما عن شيءٍ ضئيلٍ لا حيِّزَ له في تفاصيلِ يومٍ زاخرٍ بالتّعبِ والوجعِ ،،، يااااه يا يارا !
الحروفُ بين يديكِ كانت عصا ساحِرَةٍِ ، هذه المرّةَ لم تُحوِّل الأميرَ الوسيمَ إلى ضفدعٍ حقيرٍ ، بل جلَدَت الأميرةَ الحمقاءَ أربعًا وثلاثينَ جَلدةً تُساوي في عددِها سنينَ عمرِها المارقةَ دونَ حقلِ قمحٍ كأَنتِ ، يَطرحُ خُبزَ الحياةِ في الصَّباحاتِ الباردةِ والمساءاتِ المُوحِشَةِ.

لم تقِف المعلمةُ كما اليوم عند حرفِ( A )كلَّ هذه المُدَّةِ،
لم تبحث في أرجائِهِ عن مدينةٍ اختفَت حتى أنقاضُها، لم تتوقّع أنه مُكَلَّلُ بهذه العَظَمةِ والهيبة، فقد كانت تردِّدهُ قديمًا على مقاعدِ الدِّراسةِ بسَأَمٍ وضَجَرٍ وتُمرِّقُهُ من كلامِها بسرعةِ هاربٍ من العدالةِ .

العمرُ الذي اقتلعَ ياسَمينَتَها الوحيدةَ وجرَفَها بعيدًا كيف يعترِضُ طريقَها الآنَ ويسأَلُها شُربَةَ ماءٍ؟

ألوانُ الحُروفِ الزَّاهيةُ كيف استنهَضَت الخطَّ الأسودَ العريضَ
المخطوط أُفقيًّا في وجدانٍ خائر الأحلامِ
الوجهُ القمحِيُّ كيف تَوهّجَ قبالةَ شمسٍ أطفأَها دورانُ الأرضِ بها ؟

حَكايا الأُمَّهاتِ لِمَ تَبعثُ في النَّفسِ الشُّعورَ باليُتمِ والوحدةِ؟!

الأصابعُ النَّاعِمةُ السَّمراءُ كيف طرّزت الحزنَ والفرحَ في خطّين متقاطِعَينِ بعدَ أن كانا مُتوازِيَينِ ؟ كيفَ جمَعت قشًّا كثيرًا لطائرٍ عاجزٍ وأوجدَت في نفسهِ عُقدةَ الوطن ؟

الحصّةُ السّادسةُ
كيف صارت تاريخًا قائِمًا بذاتِهِ لدولةٍ لديها كل أسباب النصر
وتشعرُ بالهزيمة ؟

المعلمةُ المُتَطفِّلةُ كيف صارَت بطلةً في رواية لم تَكُن فيها ، ولا حتّى الحرف الأوّل من اسمها


إرسال تعليق

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

العهدة الثقافية

2016