ليس مرادفاً للفرح والبهجة، هكذا أصبح العيد يتسلل إلى حوارينا، يلفظ أنفاسه منذ التكبيرة الأولى، يدفعنا باتجاه تحسس القضايا الراهنة التي نعيشها، فلا نجد متسعاً للحياة، أو ركوب الأراجيح، أو الإصغاء إلى " يا ليلة العيد".
ليس مرادفاً للنجاة من التغوّل الإلكتروني الذي أصبح يفرّق بين المرء وأخيه، فكثيرة هي زيارات العيد التي يقف على جنباتها الهاتف الجوّال، وتلك الشرائح المعبأة بجيجا الإنترنت، وهي تنقلنا إلى الفضاء الأزرق أو الأخضر، وننسى أننا في زيارة أصلها الطمأنينة والسكون لرؤية الأرحام والأصدقاء، والسؤال عن الأحوال والمقامات.
ليس مرادفاً لقضاء فسحة من الأمل مع أفراد العائلة، وقد أرهقتهم الحياة وهم يندفعون إلى الاستراحة من مفردات الأيام الصعبة التي قضاها كل واحد منا في عمله ومدرسته، وربما في جلوسه على أرصفة الطرقات، خلو يد من عمل ما.
ليس مرادفاً للنهوض بأعباء جديدة تضاف إلى سلة الأعباء التي يتحمّلها ربّ الأسرة وهو يسعى بكامل قوته لشراء ثياب العيد لأطفال ربما ينتكسون وهم يشاهدون الطبقات الأخرى على شاشات التلفزة.
ليس مرادفاً للنوم، وأنت تتطيّر من جرس البيت، وليس في بيتك ما يشي بملامح الترحيب بالزيارات التي تأتيك محمّلة بالهدايا، وليس في جعبتك ما يسدّ مقولة " كل شيء قرضة ودين"، فتهجر عباءة اليوم وأنت تتوسّد أحلامك الصافية، إذا كانت كذلك.
ليس العيدُ مرادفاً لكلّ ما سبق، وأنت تحاول أن تصوغ نصّك الأثير إلى
روحك، عُراة نحن في الزمن الصعب!.
ليس ذلك كذلك، وأنت تتلهّى بمغص في معدتك، أو صداع في رأسك، أو ألم في ركبتيك، من أجل أن تدفئ الفراش، بدل أن تثير غبار الطرقات في مسيرتك الإنسانية، ليس افتراقاً عن العيد وبهجته، بل لأنك تعيش بين نقيضين، ما جُبِلَتْ عليه القبيلة وما أدركته قلّة الحيلة.
مقال موجز عن واقع مؤلم
ردحذف